مجتمع

انتعاش المخزون المائي في السدود المغربية يمنح الأمل وسط تحديات الجفاف والندرة

انتعاش المخزون المائي في السدود المغربية يمنح الأمل وسط تحديات الجفاف والندرة

عرفت الموارد المائية في المغرب تحسنًا لافتًا خلال الشهرين الأخيرين، حيث سجّل مستوى المخزون في السدود ارتفاعًا مهمًا أعاد الأمل للمهتمين بالشأن البيئي والمائي على حد سواء. فقد ارتفعت الكميات المخزنة من المياه من حوالي 4.68 مليار متر مكعب في بداية مارس إلى ما يقارب 6.67 مليار متر مكعب منتصف أبريل، مما يدل على استفادة البلاد من حوالي ملياري متر مكعب من المياه خلال فترة وجيزة.

ومن خلال هذه الانتعاشة التي عرفتها مختلف الأحواض المائية، بات من الواضح أن التساقطات الأخيرة ساهمت في التخفيف من الضغط الذي عانت منه البلاد في السنوات الماضية بسبب الجفاف. وتشير الأرقام إلى أن هذه الزيادة ساعدت في تعزيز نسبة ملء السدود، وهو ما ينعكس إيجابًا على آفاق توفير مياه الشرب وسقي الأراضي الفلاحية خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد طلبًا مرتفعًا على الموارد المائية.

وفي سياق تحليل هذا التحول الإيجابي، يُلاحظ أن معدل استهلاك المغرب السنوي من مياه الشرب المستخرجة من السدود يناهز مليار متر مكعب، تضاف إليه كميات تتراوح بين 500 و700 مليون متر مكعب تُستخرج من المياه الجوفية أو تُنتج من محطات تحلية مياه البحر. وبهذا، فإن الاستهلاك السنوي لمياه الشرب يصل إجمالاً إلى ما بين 1.5 و1.7 مليار متر مكعب، وهي أرقام تُبرز مدى أهمية تعبئة السدود لضمان توازن المنظومة المائية على المستوى الوطني.

وعلى مستوى الأحواض الكبرى، برز حوض سبو كأكثر الأحواض المائية استفادة من هذه الانتعاشة، إذ ارتفع مخزونه بما يعادل 922.12 مليون متر مكعب، ما جعله في صدارة الترتيب من حيث التزود بالمياه. كما حقق حوض اللوكوس بدوره زيادة ملحوظة وصلت إلى 328 مليون متر مكعب، بينما تمكّن حوض أم الربيع من تسجيل ارتفاع قُدّر بـ315.41 مليون متر مكعب، وهو ما يعكس التحسن الملحوظ في منسوب المياه بهذه المناطق المهمة.

وتجدر الإشارة إلى أن الحوض المائي لأبي رقراق عرف هو الآخر زيادة في المخزون بلغت حوالي 248.05 مليون متر مكعب، في حين سجّل حوض سوس-ماسة انتعاشة متواضعة لم تتجاوز 48.88 مليون متر مكعب، وذلك مقارنة بالأحواض الأخرى. ومع ذلك، فإن هذا التحسن يبقى إيجابيًا بالنظر إلى الظروف المناخية التي تمر منها المنطقة، والتي غالبًا ما تتسم بندرة التساقطات وتقلّب الطقس.

أما في ما يتعلق بالأحواض الأقل استفادة من هذه الانتعاشة، فقد عرف حوض كير-زيز-غريس ارتفاعًا قدره 41.54 مليون متر مكعب، بينما سجّل حوض تانسيفت زيادة طفيفة لم تتعدّ 13.02 مليون متر مكعب. ويبقى حوض ملوية من أكثر المناطق تأثرًا، حيث لم يتجاوز حجم الارتفاع في المخزون المائي به 6.49 مليون متر مكعب، وهو ما يثير القلق بشأن قدرته على تلبية الحاجيات المحلية من المياه في المدى القريب.

وبالنظر إلى هذه المعطيات مجتمعة، فإن التحسن العام في وضعية السدود يُعتبر مؤشّرًا إيجابيًا في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي تشهدها البلاد. غير أن هذا الانتعاش لا ينبغي أن يُنسينا ضرورة اعتماد سياسة مائية مستدامة تركز على حسن تدبير الموارد، وترشيد الاستهلاك، وتوسيع استعمال وسائل التحلية وإعادة استخدام المياه العادمة، في سبيل ضمان الأمن المائي للأجيال القادمة وتعزيز الصمود أمام التغيرات المناخية المتسارعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى