مجتمع

بنسعيد يؤكد خيار الإصلاح العميق للصحافة المغربية ورؤية مستقبلية تتجاوز إرث الماضي

بنسعيد يؤكد خيار الإصلاح العميق للصحافة المغربية ورؤية مستقبلية تتجاوز إرث الماضي

في جلسة حوارية داخل لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، قدم محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، رؤية شاملة وواضحة بشأن مستقبل الصحافة المغربية، مسلطا الضوء على الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات جوهرية تواكب التحولات الرقمية المتسارعة وتحديات الإعلام المعاصر. وأوضح الوزير أن النقاش حول الصحافة يجب أن يرتقي إلى مستوى الإصلاح الحقيقي، مشيرا إلى أن المغرب اليوم يختلف جذريا عن الماضي، وأن أي مقاربة تتعلق بالعقلية القديمة لم تعد ملائمة لتطلعات المجتمع واحتياجات الإعلام الجديد.

ورفض بنسعيد بشكل قاطع الادعاءات التي حاولت تصوير الحكومة على أنها تسعى للسيطرة على الصحافة أو التضييق على حرية التعبير، مؤكدا أن مفهوم التحكم التقليدي لم يعد صالحا في عصر الرقمنة والانفتاح المعلوماتي الذي كسر الحدود القديمة. وأشار إلى أن بعض الأطراف ما زالت تتمسك بصور ذهنية قديمة لا تعكس واقع الإعلام المغربي الحالي، لافتا إلى أن المشهد الإعلامي الحديث يفرض دينامية جديدة تتجاوز تلك التصورات التقليدية.

وتطرق الوزير إلى مشروع القانون الخاص بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مؤكدا أن الهدف ليس فرض نموذج محدد على الصحافيين أو التأثير على سير انتخاباتهم، بل اعتماد آليات تشاركية تضمن إشراك كل الفاعلين في القطاع. وأوضح أن الحكومة لم تفرض أي رؤية جاهزة، بل اعتمدت على منهجية تشاركية شملت أكثر من أربعة آلاف صحافي يعبر كل منهم عن وجهة نظره المختلفة، مع الأخذ بعين الاعتبار 80% من ملاحظات المؤسسات الدستورية، وهو ما يعكس حرص الدولة على بناء توافق واسع وشامل داخل القطاع الصحافي.

كما شدد بنسعيد على أن الهدف الرئيس من الإصلاح يكمن في تطوير الممارسة الصحافية وتحسين وضعية العاملين في هذا المجال، مع السعي إلى تجاوز الاختلالات التي ظهرت في التجارب السابقة، لضمان استمرارية نموذج مهني متين ومستقر. ودعا في هذا الإطار إلى تفادي تسييس النقاش أو إطلاق اتهامات لا أساس لها من الصحة، مؤكدا أن الحديث عن ضغوط أو انحيازات مجرد إشاعات لا تعكس الواقع.

وعلى صعيد التحديات المستقبلية، أشار الوزير إلى أهمية إدماج التطورات التكنولوجية الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في النقاش حول مستقبل الإعلام، مؤكدا أن المعلومة لم تعد حكرا على الجريدة التقليدية، وأن المشهد الإعلامي يشهد تحولا جذريا يتطلب حلولا مبتكرة ومقاربات فعالة، ضمن المجلس الوطني المقبل.

من خلال هذه الرؤية الإصلاحية، يظهر بوضوح أن بنسعيد يراهن على مقاربة قائمة على الحوار المستمر والتشاور الشامل والانفتاح على الابتكار التكنولوجي، بهدف وضع أسس ممارسة صحافية حديثة وفعالة، تتجاوز إرث الماضي وتنسجم مع متطلبات العصر، ما يعكس رغبة حقيقية في إرساء نموذج إعلامي متطور يرتكز على المهنية والحداثة والانفتاح على التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى