مشروع قانون الإضراب وأهدافه التنظيمية وفقًا لرؤية الحكومة المغربية

مشروع قانون الإضراب وأهدافه التنظيمية وفقًا لرؤية الحكومة المغربية
خلال اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، تناول يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، مشروع القانون التنظيمي للإضراب الذي يجري العمل عليه حاليًا في المغرب. وأكد الوزير أن هذا المشروع يتمتع بطابع مؤقت، حيث يمكن تعديله استنادًا إلى المسار التشريعي المتواصل. وقد أبرز أن هذا النص يمثل مرحلة من المراحل التشريعية، وأن العمل عليه لم يكتمل بصورة شاملة خلال المناقشات السابقة.
وقد شدد السكوري على أن الحكومة تبدي استعدادًا كبيرًا للتفاعل مع المقترحات المقدمة من النقابات والهيئات المهنية. وتتعلق هذه المقترحات بتنظيم ممارسة حق الإضراب، مما يعكس حرص الحكومة على تحقيق توافق واسع بين مختلف الأطراف المتدخلة. وأوضح الوزير أن الهدف الأساسي هو وضع آليات متوازنة تحقق العدالة في ممارسة هذا الحق وتراعي مصالح جميع الفئات المعنية.
تنظيم ممارسة الإضراب وضمان احترام الحقوق الدستورية
وأشار الوزير السكوري إلى أن المشروع يستند إلى الفصل 29 من الدستور، الذي يكفل حق الإضراب كحق دستوري لا يمكن التنازل عنه. كما يهدف القانون إلى تنظيم ممارسة الإضراب بطريقة قانونية تتماشى مع ضمان حرية العمل وحماية حقوق المواطنين. واستطرد أن القانون يطمح إلى تعزيز ثقافة الحوار بدلًا من التصادم، مما يسهم في تقليل حالات الإضراب العشوائية والغير المنظمة.
وقد بين أن هذا التنظيم يسعى إلى توفير إطار قانوني يحترم التوازن بين حق العمال في الإضراب وضرورة استمرار العمل في القطاعات الحيوية. وبالتالي، سيتم ضمان عدم تعطيل الخدمات التي تؤثر على حقوق المواطنين اليومية، مثل النقل والصحة والتعليم، وهو ما ينسجم مع التزامات المغرب بالمواثيق الدولية.
تعزيز مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمارات
وفي سياق متصل، تطرق السكوري إلى أن مشروع القانون يعكس التزام المغرب بتحسين مناخ الأعمال عبر تحقيق استقرار اجتماعي يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات. وأكد أن توفير بيئة عمل متوازنة بين العمال وأرباب العمل يعزز ثقة المستثمرين، مما يساهم بدوره في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
ويهدف المشروع أيضًا إلى تقوية العلاقة بين العمال وأرباب العمل عبر آليات تفاوضية متطورة. حيث أكد الوزير أن الإضراب يجب أن يكون الخيار الأخير بعد استنفاد كافة السبل التفاوضية الممكنة، مما يفتح الباب أمام حلول ودية وشراكة مثمرة تخدم جميع الأطراف.
التعديلات الجوهرية منذ انطلاق المشروع
ومن بين أبرز المراحل التي مر بها مشروع القانون منذ عام 2015، استعرض الوزير التعديلات التي أُدخلت عليه. وتشمل هذه التعديلات إقرار الإضراب كحق دستوري لا يمكن المساس به أو التنازل عنه. كما توسع تعريف الإضراب ليشمل العمال، والمهنيين، وحتى العاملين غير الأجراء، بما يعزز شمولية القانون وتطبيقه على نطاق واسع.
إضافة إلى ذلك، تم تعزيز تمثيلية النقابات المشاركة في الإضرابات، مما يضمن صوتًا أقوى للمطالب العمالية. وقد جرى أيضًا العمل على وضع ضمانات تحمي حقوق الأطراف المضربة دون الإضرار بحقوق المواطنين، وهو ما يبرز حرص الحكومة على الموازنة بين الحرية والمسؤولية.
أهمية تعزيز السلم الاجتماعي والثقافة الحوارية
وأكد الوزير أن مشروع القانون يسعى إلى ترسيخ السلم الاجتماعي عبر تعزيز ثقافة الحوار كوسيلة أساسية لحل النزاعات. حيث تسعى الحكومة إلى تحويل التفاوض إلى خيار مفضل لدى الأطراف المعنية، مما يسهم في تقليل اللجوء إلى الإضراب.
كما أشار إلى أهمية بناء علاقة ثقة بين الأطراف الفاعلة في سوق العمل، حيث أن تعزيز هذه الثقة يساعد في تقوية النسيج الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة. ويعتبر هذا الهدف من بين الأولويات الوطنية التي تحرص الحكومة على تحقيقها من خلال هذا الإطار التشريعي.
ضمان التوازن وحماية الحقوق
وفي ختام تصريحاته، شدد الوزير السكوري على أن التعديلات المقترحة على مشروع القانون تأتي لضمان التوازن بين حقوق العمال المضربين وحقوق المواطنين. وقد تم التأكيد على توفير ضمانات قوية لممارسة حق الإضراب بما يتماشى مع المواثيق الدولية.
وبهذا، يعكس المشروع حرص المغرب على مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، مما يسهم في تعزيز مكانته كمثال يحتذى به في إدارة حقوق العمل والتنمية الاجتماعية.