مناورات الأسد الإفريقي 2025 تجسد الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وأمريكا وتكرس ريادة المملكة في الأمن الإقليمي

مناورات الأسد الإفريقي 2025 تجسد الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وأمريكا وتكرس ريادة المملكة في الأمن الإقليمي
في إطار التزام المغرب المتواصل بتعزيز التعاون العسكري الدولي، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، انطلقت يوم الإثنين 12 ماي 2025 فعاليات النسخة الحادية والعشرين من مناورات “الأسد الإفريقي”. وتعد هذه المناورات من أكبر التمارين العسكرية متعددة الجنسيات بالقارة الإفريقية، حيث تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربط المملكة المغربية بالولايات المتحدة الأمريكية، وتبرز مستوى الشراكة المتميزة في المجالين الأمني والدفاعي بين البلدين.
وفي هذا السياق، استقبل مقر قيادة المنطقة الجنوبية بمدينة أكادير، بحضور رفيع المستوى من قادة الجيوش وضباط رفيعي الرتب وممثلي المنظمات الدولية المشاركة، حفل افتتاح هذا الحدث العسكري الضخم. وقد حضر هذا الحفل كل من الفريق محمد بن الوالي، رئيس أركان الحرب بالمنطقة الجنوبية، واللواء دانيال سيدرمان، نائب القائد العام لقوة المهام الأمريكية لأوروبا الجنوبية وإفريقيا، إلى جانب ممثلين عن الدول المشاركة. وتم خلال هذا الحفل تقديم عرض مفصل عن الأهداف التكتيكية والاستراتيجية لتمرين “الأسد الإفريقي 2025″، مع الإشارة إلى اتساع نطاق المشاركين ليشمل قوات من قارات مختلفة، مما يبرز الطابع العالمي لهذه التمارين.
وعلى مستوى الكلمات الرسمية خلال الحفل، أكد الفريق محمد بن الوالي أهمية هذا التمرين باعتباره ثمرة أكثر من عقدين من التعاون العسكري الوثيق بين المغرب والولايات المتحدة. وأوضح أن هذا الحدث السنوي يفتح آفاقًا واسعة لتقوية الكفاءات العملياتية وتبادل الخبرات الميدانية بين جيوش الدول المشاركة. من جانبه، نوه اللواء سيدرمان بالدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في احتضان هذه المناورات الكبرى، مشيرًا إلى أن المملكة باتت تشكل قاعدة مثالية لتطوير قدرات القوات متعددة الجنسيات على مواجهة التحديات الأمنية المستجدة والمعقدة.
وقد تميزت دورة 2025 بمشاركة قياسية شملت القوات المسلحة الملكية المغربية والقوات المسلحة الأمريكية، بالإضافة إلى جيوش أكثر من ثلاثين دولة تمثل القارات الخمس، فضلاً عن حضور بارز لممثلي حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وشملت التمارين مجالات عملياتية متعددة، منها المناورات البرية والبحرية والجوية، إلى جانب تدريبات مكثفة على عمليات الإنزال الجوي والاشتباك المباشر، فضلاً عن مناورات القوات الخاصة التي تهدف إلى رفع الجاهزية وتعزيز قدرات التدخل السريع تحت قيادة مشتركة عالية المستوى.
أما بخصوص الجانب اللوجستي والتنظيمي، فقد امتدت الأنشطة العسكرية إلى عدة مناطق استراتيجية داخل التراب الوطني، مثل أكادير وطانطان وتزنيت والقنيطرة وبنجرير وتيفنيت. ويعكس هذا التنوع الجغرافي مدى توفر المغرب على بنية تحتية متطورة ومؤهلة لاحتضان التمارين العسكرية المعقدة، بما يسهم في إنجاح مختلف العمليات التدريبية والسيناريوهات الميدانية الواقعية. وقد رافقت هذه التمارين برامج ذات طابع إنساني واجتماعي، تمثلت في تنظيم حملات طبية وخدمات اجتماعية موجهة للسكان المحليين، مما يجسد البعد الإنساني للمناورات ويعزز صورة المملكة كمركز متكامل للتعاون الأمني والإنساني بالقارة الإفريقية.
وفي سياق مواز، سجلت هذه الدورة مشاركة فاعلة للضباط المغاربة في مجالات تقنية متقدمة، من بينها الحرب الإلكترونية والعمليات الفضائية والتنسيق المدني العسكري. واعتبر الضباط المغاربة أن هذه المشاركة تشكل فرصة استثنائية لتبادل الخبرات والتعرف على أحدث الابتكارات التكنولوجية العسكرية، لاسيما في ميادين الاستشعار عن بعد واستخدام تقنيات الأقمار الصناعية وتحليل المجال الكهرومغناطيسي، وهي تقنيات باتت تلعب دورًا حاسمًا في الحروب الحديثة متعددة الأبعاد والمجالات.
ويأتي تمرين “الأسد الإفريقي 2025” ليؤكد مرة أخرى على الأهداف الجوهرية التي تسعى إليها هذه المناورات، والمتمثلة أساسًا في الرفع من الجاهزية العملياتية وتسهيل التكامل بين الشركاء، وتعزيز قدرات الجيوش المشاركة في مواجهة الكوارث الطبيعية والتهديدات الإرهابية، وكذا دعم جهود حفظ السلم والاستقرار في بؤر النزاع. كما يعزز هذا التمرين مكانة المغرب كفاعل محوري في معادلة الأمن الإقليمي ويكرس ريادته في تعزيز التعاون الأمني الدولي، بما يترجم التزام المملكة الدائم بالاضطلاع بدور بناء في تحقيق السلم والاستقرار بإفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط ومناطق النزاع الأخرى.