ارتفاع أسعار الدوارة يربك الأسر المغربية بعد إلغاء ذبح الأضاحي في عيد الأضحى

ارتفاع أسعار الدوارة يربك الأسر المغربية بعد إلغاء ذبح الأضاحي في عيد الأضحى
في ظل قرار إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى بسبب الأزمة الاقتصادية والجفاف الذي قلّص حجم القطيع الوطني، باتت الأحشاء الحيوانية، المعروفة بـ”الدوارة”، الخيار الرمزي للمغاربة للحفاظ على شعائر العيد بما أمكن من الوسائل. ومع هذا التبدّل في عادات الاحتفال، بدأت الأسعار ترتفع بوتيرة غير مسبوقة، ما شكّل مفاجأة صادمة للعديد من الأسر المغربية.
قفزت أسعار الدوارة بشكل حاد، إذ انتقلت من حدود 200 إلى 250 درهم لتلامس ما بين 600 و700 درهم، فيما لا تستبعد بعض التوقعات أن تصل إلى عتبة 800 درهم خلال الأيام التي تسبق المناسبة. هذه القفزة في الأثمان تنذر بواقع اقتصادي ضاغط على جيوب المواطنين، خصوصاً أولئك الذين اعتادوا اقتناءها كل سنة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من طقوسهم.
وتعود أسباب هذا الارتفاع إلى الإقبال المكثف عليها، في غياب الأضاحي، ما خلق فجوة واسعة بين العرض والطلب، وساهم في بروز ممارسات احتكارية من قبل بعض الوسطاء الذين عمدوا إلى تخزين كميات كبيرة من الأحشاء ورفع أسعارها دون ضوابط. هذه التحركات عمّقت الأزمة وأثارت موجة من الغضب الشعبي، خاصة في الأحياء الهشة والفقيرة.
أمام هذا الوضع، وجد المواطن البسيط نفسه في حيرة بين أمرين أحلاهما مر؛ إما الرضوخ للأسعار المبالغ فيها وشراء الدوارة للحفاظ على الطقوس، أو العدول عن ذلك، وهو ما اعتبره البعض مسا بخصوصية العيد في وجدان المجتمع. فالموروث الثقافي لا يزال حاضراً بقوة، حتى وإن عجزت القدرة الشرائية عن مواكبته.
وفي ظل هذه المستجدات، لجأ بعض المهنيين إلى حلول بديلة، حيث قام عدد من الجزارين بذبح الأبقار تحت مراقبة بيطرية بغرض توفير الأحشاء فقط، بينما قامت بعض الشركات باستيراد كميات مجمدة من الدوارة لتزويد الأسواق المحلية بما يعوض النقص. لكن رغم هذه المبادرات، لم تنخفض الأسعار، بل بقيت مرتفعة تثير الجدل وتضعف فرص التوازن.
وسط هذا المشهد المتأزم، عبّر العديد من الفاعلين والناشطين عن انتقادات حادة تجاه اللهفة غير المبررة لشراء الدوارة، معتبرين أن هذا الإقبال يُغذّي الجشع ويزيد من تفاقم الغلاء، ودعوا إلى اعتماد ثقافة المقاطعة كوسيلة ضغط لحماية المستهلك. في المقابل، وجّه آخرون أصابع الاتهام إلى غياب الرقابة المؤسساتية وضعف الدور الزجري، ما فسح المجال أمام ممارسات استغلالية لا تراعي الوضع الوطني الحرج.