مجتمع

ارتفاع عدد المصابين بحالة اختناق جماعي داخل مصنع سيوز ماروك يثير قلقا بشأن شروط السلامة المهنية

ارتفاع عدد المصابين بحالة اختناق جماعي داخل مصنع سيوز ماروك يثير قلقا بشأن شروط السلامة المهنية

شهدت المنطقة الصناعية الغصام بمدينة القنيطرة حادثاً صادماً  بعدما تسرب غاز مجهول المصدر داخل أحد مرافق وحدة صناعية تابعة لشركة “سيوز ماروك”، المختصة في صناعة الكابلات ومكونات السيارات. وقد أسفر هذا التسرب عن إصابة 114 عاملاً، أغلبهم من النساء، بحالات اختناق حادة، في واقعة أثارت استنفاراً كبيراً لدى السلطات الصحية والأمنية بالمدينة.

ومن خلال المعطيات الأولية التي تم الحصول عليها من مصادر قريبة من مكان الحادث، فإن التسرب وقع بشكل مفاجئ، داخل فضاء الإنتاج بالمصنع، حيث بدأت أعراض الاختناق تظهر تدريجياً على عدد كبير من العاملين، مما استدعى تدخلاً فورياً من قبل فرق الإسعاف، التي سارعت إلى نقل المصابين إلى المستشفى الإقليمي الزموري لتلقي العلاجات اللازمة. وقد تطلب الأمر تجهيز عدد إضافي من الأسرة والطواقم الطبية لمواجهة الوضع.

في ذات السياق، عرفت أقسام المستعجلات بالمؤسسة الاستشفائية حالة من الاستنفار غير المسبوق، حيث تم تسخير كل الموارد البشرية والتقنية لاستقبال المصابين، في وقت كانت سيارات الإسعاف تتوافد تباعاً حاملة ضحايا جدد من مكان الحادث. وسادت أجواء من التوتر والارتباك داخل المستشفى، بسبب العدد الكبير من الحالات التي وصلت في فترات متقاربة، وهو ما وضع الفرق الطبية أمام اختبار صعب.

وفي إطار الاستجابة السريعة، أطلقت السلطات المحلية بالقنيطرة، بتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة، تحقيقاً مستعجلاً لفهم ملابسات هذا الحادث الخطير. وقد جرى استدعاء لجنة تقنية متعددة الاختصاصات، تضم عناصر من الدرك الملكي وفرقة البيئة، بالإضافة إلى خبراء في السلامة الصناعية، من أجل البحث في أسباب هذا التسرب وتحديد طبيعة الغاز المتسبب في حالات الاختناق، عبر استعمال أجهزة متطورة لرصد أي مواد كيميائية محتملة داخل المنشأة.

وقد شملت هذه التحريات أيضاً الاستماع إلى أقوال عدد من مسؤولي الشركة والعاملات المتضررات، إضافة إلى بعض الشهود الذين عاينوا الحادث، وذلك من أجل جمع معطيات دقيقة تسهم في تشكيل صورة واضحة عن الحادث. وأكدت مصادر أن اللجنة التقنية باشرت عمليات فحص شامل للبنية التحتية للمصنع، وتحليل جودة التهوية الداخلية ومدى احترامها للمعايير المعتمدة في الوحدات الصناعية.

من جهة أخرى، أفادت مصادر طبية من داخل المستشفى أن أغلب المصابين يعانون من أعراض متشابهة، تشمل ضيق التنفس، الدوار، والتقيؤ، ما يعزز فرضية تسرب غاز سام مجهول، قد يكون مرتبطاً بخلل في أحد الأنابيب أو الأجهزة داخل المصنع. ولا تزال التحقيقات التقنية والمخبرية جارية لتحديد هوية هذا الغاز والظروف التي أدت إلى انتشاره داخل فضاء العمل.

هذا الحادث المؤلم يعيد إلى الواجهة موضوع السلامة المهنية داخل المؤسسات الصناعية بالمغرب، خاصة تلك التي تعتمد على مواد كيماوية أو غازات في عملياتها الإنتاجية. كما يسلط الضوء على ضرورة تعزيز المراقبة التقنية الدورية لمرافق العمل، وتكثيف عمليات التكوين في مجالات الوقاية من الحوادث الصناعية، لضمان أمن وسلامة الأجراء داخل وحدات الإنتاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى