ارتفاع ملحوظ في حالات الطلاق والتطليق بالمغرب يعكس تحولات في العلاقات الزوجية

ارتفاع ملحوظ في حالات الطلاق والتطليق بالمغرب يعكس تحولات في العلاقات الزوجية
تشهد محاكم المملكة ارتفاعا مستمرا في أرقام قضايا الطلاق والتطليق، وهو ما يعكس بوضوح التغيرات التي طرأت على الحياة الزوجية وأساليب إنهاء الخلافات بين الأزواج. وأظهرت الإحصاءات الأخيرة أن المغرب يسجل يوميا مئات الأحكام المتعلقة بالطلاق، مما يعكس مدى انتشار هذه الظاهرة في المجتمع المغربي.
تشير البيانات إلى أن عدد قضايا الطلاق المسجلة وصل إلى أكثر من أربعين ألف قضية سنويا، بمعدل يفوق مائة حالة يوميا، وهو رقم يعكس زيادة طفيفة مقارنة بالسنوات السابقة، لكنه يظل مؤشرا لافتا يثير الاهتمام حول الديناميات الأسرية الحالية. وفي هذا السياق، صدرت أحكام لمحاكم البلاد بما يزيد على أربعين ألف حكم، ما يعكس مدى نشاط القضاء في معالجة هذه القضايا وحسمها.
ويبرز من خلال هذه الإحصاءات أن الطلاق الاتفاقي يمثل الغالبية الساحقة من حالات الطلاق، إذ يصل إلى ما يقارب 96 في المائة، بينما تبقى نسب الطلاق قبل البناء أو الطلاق الرجعي والخلع والمملك في حدود ضيقة جدا. ويعكس هذا التوجه ميل الأزواج إلى إنهاء علاقاتهم الزوجية بشكل ودي بعيدا عن النزاعات الحادة، مما يقلل من الضغوط النفسية والاجتماعية على الأبناء ويعكس وعيا متزايدا بأهمية الانفصال السلمي.
أما في ما يتعلق بالتطليق، فتظهر الأرقام ارتفاعا كبيرا في عدد القضايا، حيث تجاوزت المئة ألف قضية، بما يعادل تقريبا ثلاثة أضعاف قضايا الطلاق. وتوضح المعطيات أن التطليق بسبب الشقاق يمثل النسبة الأكبر من هذه القضايا، بما يزيد عن 97 في المائة، بينما تراجعت بشكل كبير القضايا المتعلقة بأسباب أخرى مثل الغيبة أو الضرر أو عدم الإنفاق. ويعكس هذا الاتجاه اعتمادا واسعا على مسطرة الشقاق كوسيلة قانونية لإنهاء العلاقة الزوجية بطريقة منظمة وواضحة.
ويؤكد التقرير أن هذه المؤشرات ليست مجرد أرقام، بل تعكس واقعا اجتماعيا متغيرا، إذ أصبح الأزواج يفضلون اللجوء إلى الطرق القانونية الأكثر ودية وشفافية لإنهاء الزواج، بعيدا عن النزاعات الطويلة والمعقدة. كما أن التركيز على الطلاق الاتفاقي والتطليق للشقاق يشير إلى تحول في القيم الاجتماعية والممارسات الزوجية، مع تزايد الوعي بأهمية حماية الأطفال والحفاظ على حقوق الزوجين.
في النهاية، تبرز هذه المعطيات أن قضايا الطلاق والتطليق تشهد تصاعدا مستمرا، وهو ما يضع تحديات أمام الأسرة والمجتمع والقضاء على حد سواء. كما يشير إلى أن التغيرات في العلاقات الزوجية لم تعد مجرد مسألة شخصية، بل أصبحت مسألة تتطلب متابعة دقيقة ودراسة معمقة لفهم أسبابها وآثارها الاجتماعية والنفسية على مختلف الفئات في المجتمع المغربي.
 
				


