السجائر الإلكترونية ترفع خطر الربو وتكشف عن أضرار صحية تفوق التوقعات

السجائر الإلكترونية ترفع خطر الربو وتكشف عن أضرار صحية تفوق التوقعات
سلّطت دراسة طبية أميركية حديثة الضوء على علاقة مقلقة بين استهلاك السجائر الإلكترونية وظهور الربو في مراحل عمرية مبكرة لدى البالغين، ما يعيد الجدل حول سلامة هذا النوع من التدخين الذي يُروج له على نطاق واسع كبديل أقل ضررًا. وقد اعتمد البحث، الذي أشرف عليه فريق علمي من جامعة تكساس بمدينة هيوستن، على تحليل دقيق لبيانات صحية شملت فئات لا تعاني من الربو، لتُظهر النتائج أن احتمال الإصابة بالمرض يرتفع بأكثر من ضعفين ونصف عند استخدام هذه الأجهزة لفترة محدودة فقط.
أشارت المشرفة الرئيسية على الدراسة، الباحثة أدريانا بيريز، إلى أن لحظة ظهور الربو لأول مرة تُعد مؤشرًا بالغ الأهمية، إلا أنه غالبًا ما يُغفل في الدراسات السابقة. وبيّنت أن هذا الاكتشاف يستوجب إدماج أسئلة تتعلق بالتدخين الإلكتروني ضمن الاستمارات الصحية الروتينية، لما لذلك من أهمية في رصد عوامل الخطر المبكر وتعزيز سبل الوقاية.
أما عن المواد الداخلة في تركيب السجائر الإلكترونية، فقد كشفت الدراسة أن بعضها، مثل مركب “ثنائي الأسيتيل”، يسبب أضرارًا طويلة الأمد للجهاز التنفسي، تصل إلى التسبب بما يعرف بـ”رئة الفشار”، وهو مرض يخلّف تليفًا في الشعب الهوائية. وتبيّن كذلك أن هذه المنتجات ليست كما يروج لها من حيث السلامة، بل تحمل في طياتها عناصر كيميائية شديدة الضرر، حتى وإن غابت عنها رائحة الدخان التقليدي.
وبالإضافة إلى ما سبق، أوضحت بيانات من مركز كليفلاند كلينيك أن استنشاق بخار هذه السجائر يؤدي إلى امتصاص الجسم لجزيئات دقيقة من النيكوتين ومركبات أخرى قد تسبب التهابات شديدة في الرئة. كما أن للنيكوتين آثارًا إدمانية لا يمكن التغاضي عنها، إذ يؤثر في الجهاز العصبي المركزي ويُحدث اضطرابات في ضغط الدم وتقلصًا في الأوعية الدموية، ما يجعله عامل خطر لأمراض القلب والمخ.
ومن الجوانب اللافتة أيضًا، أن الكثير من الأفراد يتجهون نحو هذه السجائر بنية الإقلاع عن التدخين، غير أن الواقع يكشف عن ظاهرة جديدة تتمثل في الدمج بين السيجارة التقليدية والإلكترونية، مما يؤدي إلى مضاعفة التعرض للسموم. وهذا التداخل يُفقد هذه الأجهزة وظيفتها كوسيلة بديلة، بل يجعلها حلقة جديدة في سلسلة الإدمان المتواصل.
وما يزيد الأمر تعقيدًا هو تأثير هذه المنتجات على من لا يستخدمها بشكل مباشر. فالتعرض السلبي لبخار السجائر الإلكترونية، وإن كان غير مرئي، يحمل بين ذراته مكونات كيميائية خطرة يمكن أن تصل إلى أجسام الأطفال والبالغين على حد سواء. كما أن بعض سوائلها تحتوي على مركبات مسرطنة، وهو ما يعزز فرضية ارتباطها المحتمل بأمراض السرطان، رغم غياب الدخان الكثيف الذي يُميز نظيرتها التقليدية.
بناءً على هذه المعطيات، يؤكد الباحثون على ضرورة إعادة النظر في السياسات الصحية المرتبطة بترويج واستخدام هذه الأجهزة. ويطالبون بتكثيف حملات التحسيس حول مخاطرها الحقيقية، إذ لم تعد مجرد شبهة صحية، بل تحولت إلى تهديد متصاعد يتطلب تدخلًا وقائيًا من الجهات الصحية والتنظيمية على حد سواء.