القيادات النسائية تفرض حضورها داخل مؤسسات الدولة المغربية بثبات وحنكة

القيادات النسائية تفرض حضورها داخل مؤسسات الدولة المغربية بثبات وحنكة
يشهد المشهد الإداري المغربي تحولا تدريجيا نحو تعزيز حضور المرأة في مواقع القيادة والمسؤولية، في خطوة تعكس تنامي الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين وتمكين الكفاءات النسائية داخل أجهزة الدولة. فقد أظهر تقرير الموارد البشرية المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2026 أن النساء أصبحن يشكلن نسبة متزايدة من شاغلي المناصب العليا في الإدارات العمومية، رغم استمرار بعض الفجوات بين معدلات توظيفهن ونسبة وصولهن إلى مواقع القرار.
وتوضح المعطيات الرسمية أن نسبة النساء في المناصب العليا سجلت نموا مطردا خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت بنحو 3.5 نقاط مئوية في ظرف خمس سنوات، لتصل إلى 15.5% من مجموع التعيينات في هذا المستوى. ويبرز هذا الارتفاع التدريجي المسار الذي تسلكه الإدارة المغربية نحو تجسيد مبدأ المناصفة الذي نص عليه الدستور، ولو أن الطريق ما زال طويلا لتحقيق التكافؤ الكامل بين الجنسين في تحمل المسؤوليات العليا.
وتعد وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان نموذجا بارزا في مجال تمكين النساء من مواقع القرار، إذ تتصدر القطاعات الحكومية بنسبة 32% من مجموع التعيينات داخلها. ويليها قطاع التعليم العالي بنسبة 11%، ثم قطاع الصناعة والتجارة الذي سجل بدوره حضورا نسويا بلغ 8%. كما تؤكد الأرقام أن النساء أحرزن تقدما واضحا في المناصب العليا، حيث يمثلن 21.8% من المفتشات العامات، و16.6% من المديرات.
ورغم هذا التقدم الملحوظ، ما تزال نسبة تمثيل النساء في المناصب الأكاديمية العليا محدودة نسبيا، إذ لا تتجاوز نسبة العميدات 7%، فيما تصل نسبة رئيسات الجامعات إلى حوالي 6.9%. ويظهر هذا الواقع أن الحضور النسائي في عالم التعليم والبحث العلمي ما زال في حاجة إلى مزيد من الدعم والتشجيع لضمان مشاركة متوازنة في تسيير المؤسسات الجامعية.
ويشير التقرير إلى أن بعض القطاعات الحكومية تبنت استراتيجيات واضحة تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في المناصب العليا، من خلال آليات تشجع على تكافؤ الفرص وترقي الكفاءات النسائية. فقد تمكنت وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان من رفع نسبة التعيينات النسوية داخلها من 26% إلى 32%، كما سجل قطاع الصناعة والتجارة تقدما ملموسا من 5% إلى 8%، بينما حافظ قطاع التعليم العالي على استقرار نسبي تراوح بين 10% و11%.
ورغم أن وتيرة التقدم لا تزال متوسطة، فإن المؤشرات الحالية تعكس تحولا إيجابيا في الذهنية الإدارية المغربية، التي باتت تدرك أن إشراك المرأة في مراكز القرار ليس مجرد خيار اجتماعي، بل ضرورة استراتيجية لتقوية الأداء المؤسسي وتحقيق التنمية الشاملة. فكل خطوة تخطوها المرأة نحو القيادة تمثل مكسبا جديدا لمسار طويل من الكفاح من أجل العدالة والمساواة داخل الإدارة العمومية المغربية.



