تعديل قانون السير لحماية مستعملي الدراجات والحد من الحـ..ـوادث القاتــ..ــلة

تعديل قانون السير لحماية مستعملي الدراجات والحد من الحـ..ـوادث القاتــ..ــلة
اتخذت وزارة النقل واللوجستيك المغربية خطوة جادة ومهمة في سبيل تعزيز السلامة الطرقية والحد من الحوادث الدامية التي أصبحت تقلق المجتمع بشكل متزايد حيث بادرت إلى إعداد مسودة مشروع قانون جديد يهدف إلى تعديل مدونة السير بما يتلاءم مع التحديات الراهنة وظروف التنقل الحديثة التي تشهد توسعاً في استعمال الدراجات النارية ووسائل النقل الخفيفة الأخرى
وقد تم إرسال هذه المسودة إلى الأمانة العامة للحكومة منذ أواخر شهر شتنبر من السنة الماضية وذلك لتمكين المؤسسات المعنية من دراستها بشكل أولي قبل فتح المجال أمام العموم من أجل المشاركة في النقاش حولها
وفي هذا الإطار أُتيح للمواطنين الاطلاع على النص الإلكتروني للمسودة يوم 6 فبراير حيث تم تخصيص فترة تشاور امتدت لعشرين يوماً سُمِح فيها بإبداء الملاحظات وتقديم المقترحات الهادفة إلى تجويد محتوى المشروع وتحقيق أكبر قدر من التوافق حول مضامينه
وتسعى الوزارة في هذه المرحلة إلى تحليل مختلف الآراء والملاحظات التي تم استقبالها من طرف الأفراد والمؤسسات على حد سواء من أجل بلورة صيغة نهائية تأخذ بعين الاعتبار التطلعات المجتمعية وتوازن بين متطلبات السلامة وحاجيات التنقل
ومن المنتظر أن يتم بعد استكمال هذه المراجعة عرض المشروع في صيغته النهائية على المجلس الحكومي لمناقشته وإحالته لاحقاً على البرلمان قصد المصادقة عليه
ويأتي هذا المسار في إطار حرص الوزارة على نهج مقاربة تشاركية تؤسس لتشريعات مرورية جديدة تواكب تطورات الواقع وتحاكي الممارسات الفضلى المعمول بها دولياً
لقد فرض الواقع المقلق لارتفاع ضحايا حوادث السير خصوصاً في صفوف سائقي الدراجات النارية على الوزارة التفكير في هذا التعديل الذي وصف بالجذري حيث تشير الأرقام إلى أن نسبة القتلى ضمن هذه الفئة قد ارتفعت بشكل مهول من 25 في المائة سنة 2015 إلى أكثر من 44 في المائة سنة 2023
ويُعتبر هذا التنامي الخطير بمثابة جرس إنذار يؤكد الحاجة إلى تدخل عاجل لإعادة النظر في الإطار القانوني الذي ينظم السير والجولان من أجل الحد من النزيف الدموي الذي تخلفه الطرق المغربية
كما أن هذه الفئة من مستعملي الطريق تبقى من بين الأكثر عرضة للحوادث القاتلة نظراً لضعف وسائل الحماية وغياب الوعي الكافي بقواعد السلامة.
ومن بين النقاط الأساسية التي جاء بها مشروع التعديل الجديد إعادة صياغة شروط الحصول على رخصة السياقة الموجهة للدراجات النارية بما يضمن تأهيلاً أفضل للسائقين خاصة في الجوانب المرتبطة بقوانين السير والتعامل مع المخاطر
وقد تم اقتراح إدخال تغييرات على كيفية اجتياز الامتحانات النظرية والعملية إلى جانب اعتماد تصنيفات جديدة لبعض أنواع الدراجات حسب القدرة والقوة المحركة
كما أن الجانب الزجري حظي باهتمام كبير من خلال مراجعة العقوبات والغرامات لتشمل مجموعة من المخالفات التي يتم التغاضي عنها حالياً أو لا تلقى الردع الكافي الذي يمنع تكرارها.
يأتي هذا التوجه الإصلاحي في انسجام مع التوجهات الكبرى التي رسمتها الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية والتي تهدف إلى تقليص عدد القتلى الناتجين عن حوادث السير إلى النصف بحلول سنة 2026
ولبلوغ هذا الهدف الطموح تدعو الوزارة إلى تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين سواء على مستوى السلطات العمومية أو المجتمع المدني أو القطاع الخاص
كما تؤكد على أهمية التوعية والتحسيس الدائمين بأهمية احترام قانون السير واستعمال الخوذة الواقية والقيادة بشكل مسؤول خاصة بالنسبة للفئات الشابة.
إن الرؤية الجديدة التي تتبناها وزارة النقل تعكس وعياً متزايداً بضرورة تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بالسير على الطرقات بشكل دوري ومواكبة التغيرات التكنولوجية والاجتماعية التي يعرفها نمط التنقل في المدن والبوادي
ومن شأن هذا الإصلاح إذا ما تم اعتماده بشكل متكامل ومدعوم بإجراءات ميدانية مواكبة أن يحدث تحولاً إيجابياً في المشهد المروري المغربي وأن يفتح آفاقاً جديدة لحماية الأرواح وتحقيق عدالة مرورية عادلة وآمنة.