تراجع دعم غاز البوتان بالمغرب يعكس توجها حكوميا نحو ترشيد النفقات

تراجع دعم غاز البوتان بالمغرب يعكس توجها حكوميا نحو ترشيد النفقات
عرفت المساعدات الحكومية الموجهة لدعم غاز البوتان بالمغرب انخفاضا ملحوظا خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما أبرزته المعطيات الرسمية الواردة في مشروع قانون المالية الجديد. هذا التراجع يعكس توجها واضحا نحو إعادة ضبط منظومة الدعم العمومي بما يضمن استدامة التوازنات المالية للدولة، مع الحرص على الحد من تقلبات السوق العالمية وتأثيرها على القدرة الشرائية للمواطنين.
ويظهر من البيانات أن قيمة الدعم المخصص لقنينة الغاز من فئة 12 كيلوغرام شهدت تقلبات ملحوظة، إذ تراجعت من مستويات مرتفعة في بداية السنة إلى معدلات أقل خلال منتصفها. فقد بلغت أعلى نقطة دعم خلال فصل الشتاء، قبل أن تبدأ في الانخفاض تدريجيا نتيجة تراجع الأسعار في الأسواق الدولية واستقرار سعر صرف العملة الوطنية. هذا التغير يعكس ارتباط الدعم الحكومي بشكل مباشر بالعوامل الخارجية والمالية، إلى جانب الإجراءات الإصلاحية التي باشرتها الحكومة ضمن سياستها الجديدة في مجال الطاقة.
ويشير التقرير المالي إلى أن الانخفاض لم يكن عشوائيا، بل جاء في إطار خطة إصلاحية تستهدف تقليص كلفة الدعم دون المساس بقدرة الفئات الهشة على التزود بهذه المادة الحيوية. فقد تم تنفيذ خطوة عملية ضمن هذا الإطار من خلال تخفيض قيمة الدعم الموجه لقنينة الغاز ذات ال12 كيلوغرام بعشرة دراهم، وهو ما ساهم في تخفيف العبء عن الميزانية العامة دون أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار الموجهة للمستهلكين.
كما توضح المعطيات أن أدنى مستوى للدعم سجل خلال شهر يونيو، حيث انخفضت المساهمة الحكومية إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما يعكس حرص السلطات على التحكم في كلفة الإنفاق العمومي بشكل تدريجي ومدروس. وتعتبر هذه المرحلة انتقالية نحو نظام أكثر استهدافا للشرائح المستحقة، يوازن بين متطلبات العدالة الاجتماعية والنجاعة الاقتصادية.
ويبرز هذا التوجه الحكومي إرادة واضحة في الانتقال من الدعم الشامل إلى دعم موجه أكثر فعالية، قائم على معايير دقيقة تضمن استفادة الفئات ذات الدخل المحدود دون تحميل ميزانية الدولة أعباء متزايدة. كما يأتي ذلك في سياق إصلاحات أوسع تسعى إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني أمام الصدمات الخارجية وتطوير سياسة طاقية أكثر استدامة.
في المجمل، يعكس انخفاض دعم غاز البوتان بالمغرب مرحلة جديدة في مسار الإصلاح الاقتصادي، تتسم بالتدرج والحذر، إذ تراهن الحكومة على تحقيق توازن بين استقرار الأسعار الداخلية والحفاظ على الموارد المالية، في أفق بناء نموذج دعم أكثر عدالة وكفاءة يخدم مصلحة المواطن والاقتصاد على حد سواء.



