الحكم على المعتدية بالسجن والغرامة في قضية اعتداء وتشهير استهدفت تلميذة قاصر بمراكش

الحكم على المعتدية بالسجن والغرامة في قضية اعتداء وتشهير استهدفت تلميذة قاصر بمراكش
في تطور قضائي جديد، أصدرت المحكمة الابتدائية بمراكش حكمًا بالسجن النافذ مدته تسعة أشهر في حق شابة تبلغ من العمر 19 سنة تُدعى “ا.غ”، وذلك بعد تورطها في قضية اعتداء جسدي عنيف على التلميذة القاصر “سلمى” باستعمال شفرة حلاقة، ما خلف موجة استياء واسعة على منصات التواصل الاجتماعي. وقد جاء هذا الحكم عقب جلسات متتالية نظرت فيها الغرفة الجنحية التلبسية تفاصيل الواقعة التي هزت الرأي العام المحلي والوطني، خاصة بالنظر إلى طبيعة الضحية ووضعها كقاصر يتوجب حمايتها قانونيًا وأخلاقيًا.
وتمت متابعة المتهمة، التي جرى توقيفها في وقت سابق وإيداعها سجن الأوداية، في حالة اعتقال بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة، وذلك على خلفية اتهامات وجهت إليها تتعلق بالاعتداء الجسدي والتشهير، وهو ما أكدته تسجيلات مصورة تم تداولها بشكل واسع عبر شبكات التواصل، حيث ظهرت فيها المتهمة وهي توجه تهديدات علنية وصريحة إلى الضحية. وقد ساعدت هذه التسجيلات في تسريع المسطرة القانونية وإحالة الملف بسرعة على القضاء من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية.
ولم تكتف المحكمة بإصدار حكم بالسجن فقط، بل فرضت كذلك على المتهمة غرامة مالية قدرها 2500 درهم، بالإضافة إلى إلزامها بأداء تعويض مدني لفائدة الضحية حُدد في مبلغ 30 ألف درهم. ويُعد هذا القرار القضائي رسالة واضحة تعكس تشدد المؤسسة القضائية في مواجهة كل مظاهر العنف، لاسيما حين يستهدف هذا العنف فئة هشّة كالتلاميذ، إذ تعتبر هذه الفئة جديرة بالحماية القضائية في ظل ما تتعرض له من مخاطر جسدية ونفسية سواء في المؤسسات التعليمية أو خارجها.
وقد تميزت هذه القضية بمتابعة خاصة من طرف النيابة العامة، التي أعطت تحت إشراف وكيل الملك السيد خالد الركيك تعليماتها المباشرة لعناصر الضابطة القضائية بولاية أمن مراكش من أجل فتح تحقيق دقيق ومستعجل في ظروف وملابسات الحادث. هذا التدخل السريع ساهم في الكشف عن خيوط الواقعة وتوقيف المتورطة في وقت وجيز، مع اعتماد مختلف وسائل الإثبات الحديثة كالمقاطع المصورة التي أصبحت تلعب دورًا مهمًا في توثيق الجرائم وتحديد المسؤوليات.
وتُشكل هذه القضية نموذجًا صارخًا لما أصبحت تعرفه بعض الأوساط الشبابية من سلوكيات عنيفة تتنافى مع قواعد التعايش والاحترام، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في أساليب التربية والتأطير داخل المجتمع، سواء في الوسط العائلي أو المدرسي. كما أن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في تصفية الحسابات أو التشهير بات يشكل تهديدًا حقيقيًا يجب التعامل معه بالحزم الضروري، لما له من تأثيرات خطيرة على نفسية الضحايا، خاصة عندما يكونون في مراحل عمرية حرجة.
ويأمل العديد من المتابعين لهذه القضية أن يشكل الحكم الصادر اليوم رادعًا لكل من تسوّل له نفسه ممارسة العنف أو التشهير بالآخرين، كما يُطالبون بتعزيز التوعية القانونية وسط فئة الشباب وتكثيف البرامج التحسيسية داخل المؤسسات التعليمية، بهدف نشر ثقافة التسامح والتبليغ عن كل سلوك غير قانوني، بدل الرد عليه بأساليب انتقامية تمس بالكرامة والحقوق.
وفي ظل تنامي مثل هذه الظواهر، يبقى القضاء أحد أبرز المكونات التي يعوّل عليها في فرض احترام القانون وصون الحقوق، عبر أحكام واضحة وصارمة تراعي خطورة الفعل ووقعه النفسي والاجتماعي على الضحايا، كما تعكس في الآن ذاته مسؤولية المجتمع في محاربة العنف بجميع أشكاله.