مجتمع

المغرب يعزز حضوره على الساحة الدولية باحتلاله المرتبة 52 في التصنيف العالمي للحضور الخارجي

المغرب يعزز حضوره على الساحة الدولية باحتلاله المرتبة 52 في التصنيف العالمي للحضور الخارجي

ضمن سياق دولي متقلب تشهد فيه العلاقات الدولية تحولات متسارعة، تمكن المغرب من ترسيخ مكانته على الصعيد العالمي، بعدما حل في المرتبة الثانية والخمسين في تصنيف مؤشر الحضور الدولي لسنة 2025. التقرير الصادر عن معهد “إلكانو” الإسباني شمل 150 دولة، واعتمد مقاييس متعددة تزاوج بين الدينامية الاقتصادية وانتشار القوة الناعمة، مما يمنح رؤية شاملة لموقع الدول في النظام الدولي الراهن.

وحسب النتائج المعلنة، فقد حصد المغرب مجموعاً بلغ 37.7 نقطة، ليتمركز في موقع متوسط ضمن خارطة الأداء العالمي. وقد تقاربت نتائجه في الجانبين الاقتصادي والثقافي، محتلاً المرتبة الخامسة والخمسين في كل من هذين المحورين، ما يعكس توازناً نسبياً بين قدرته على التبادل التجاري والانفتاح الثقافي والتواصلي مع المحيط الإقليمي والدولي.

وعلى مستوى القوى العالمية، حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على ريادتها، مستفيدة من ثقلها العسكري والمؤسساتي، بينما تبعتها كل من الصين وألمانيا واليابان. وعلى الصعيد العربي، تصدرت المملكة العربية السعودية المشهد العربي بتموقعها في المركز السابع عشر، فيما جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة التاسعة عشرة، بينما احتلت بلدان أخرى مثل موريتانيا والصومال مراتب متأخرة تعكس ضعف حضورها على الساحة العالمية.

وأشار التقرير إلى تراجع طفيف في الحضور الدولي بنسبة 1.4 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، وهو تراجع يُعزى بشكل رئيسي إلى انكماش الأدوار الاقتصادية على الصعيد العالمي، في مقابل تزايد الاهتمام بالقدرات العسكرية. كما لاحظت الدراسة عودة تدريجية لمظاهر القوة الناعمة بعد فترة من الجمود فرضتها تداعيات الجائحة، غير أن هذا التعافي يتم بوتيرة بطيئة ودون استرجاع الزخم السابق.

وفي ما يخص تحولات القوى الكبرى، شهدت كل من الهند وروسيا تقدماً ملحوظاً في تصنيفاتها، متجاوزتين بعض الدول الأوروبية التي فقدت موقعها السابق، ومنها فرنسا وهولندا. وقد سجلت إسبانيا، رغم تلك التحولات، أداءً إيجابياً مكّنها من الحفاظ على المرتبة الثالثة عشرة داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس مرونتها السياسية والاقتصادية.

أما المملكة المتحدة، فتعاني من تداعيات انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، إذ فشل اقتصادها في تعويض خسائرها البنيوية، رغم نمو محدود لم يكن كافياً لمجاراة منافسين أقوياء مثل اليابان. في المقابل، تُواصل الصين تقدمها الصناعي، لكنها ما تزال عاجزة عن ترسيخ صورة إيجابية عبر قنوات القوة الناعمة، مما يشكل عائقاً أمام طموحاتها التوسعية على الصعيد الثقافي والدبلوماسي.

ومن بين النقاط البارزة التي سلط عليها التقرير الضوء، نجد أن العوامل الجغرافية أصبحت ذات دور محوري في صياغة معالم الحضور الدولي. فقد تغيّر شكل العالم الجيوسياسي، إذ بات يرتكز على ثلاثة محاور كبرى هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وهي مراكز تستقطب حولها باقي الدول بدرجات متفاوتة من التأثير، وسط مشهد دولي يتشكل من جديد وفق معطيات مغايرة للعقود السابقة، ما يفرض إعادة تقييم مستمر لمفاهيم العولمة وتوزيع الأدوار العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى